-A +A
حمود أبو طالب
قلنا يوم أمس إن كل الإجراءات والقرارات التي اتخذتها الدولة لمكافحة جائحة كورونا كانت حتمية ولا خيار فيها ولا يجب أن تتأخر، لأن عامل الوقت أصبح في غاية الأهمية والخطورة، ولم يعد يسمح بفتح ثغرات جديدة. وقد قررت الدولة ابتداء من يوم أمس فرض منع التجول الجزئي لمدة 21 يوما، ربما يتم تمديدها بحسب ما يستجد في الوضع العالمي لانتشار الفايروس ووضعه لدينا، الذي نتمناه أن يكون أفضل.

قرار منع التجول يحدث للمرة الأولى لدينا، لم نعشه سابقاً بحمد الله لأننا في دولة مستقرة ثابتة القواعد والأركان، واتخاذه من قبل الدولة ليس سهلاً. نحن نسمع به فقط في الدول المضطربة أمنياً وجمهوريات الانقلابات المتكررة والأنظمة الفاشلة، ويراد به فيها السيطرة على الشغب وكتم أنفاس الناس وفرض سلطة القمع والجبروت، لكن هنا تم اتخاذ القرار لحماية صحة الإنسان وحياته، لأن الإنسان قيمة عليا لا ترقى لها قيمة أي شيء آخر.


هذا القرار المهم وغير المسبوق سيكون التعامل معه مختلفاً من قبل الجهات المسؤولة. لقد تم التعامل مع الناس باللين والرفق وحسن الظن بهم لكن كثيراً منهم خيبوا أملنا بتساهلهم واستهتارهم، إذ استمروا في التجمعات والخروج دون أسباب والاختلاط بالغير في وقت حرج، رغم التحذيرات المستمرة من الجهات الصحية وغيرها من أجهزة الدولة ذات العلاقة، لكن الآن سيكون النظام حاضراً بقوة وحزم، ولا يمكن إيجاد عذر لمن يخترق الحظر خارج الاستثناءات التي حددها القرار.

إنه سؤال بسيط ومباشر لأي متجاوز ومستهتر: ما الذي يدفعك لكسر قرار المنع دون سبب قاهر، بل ما الذي يدفعك لعدم الالتزام بالمكوث في المنزل أساساً لأن انتهاء منع التجول صباحاً لا يعني أبداً السماح بالخروج لمجرد الخروج ليس إلا، إن هذا المنع الجزئي هو اختبار للالتزام فلا تفشلوا فيه، لأن ذلك قد يستدعي اتخاذ قرار أشد حزماً ولا يصبح أمام أي أحد خيار آخر.

الالتزام المطلوب لا يوجبه فقط الامتثال الواجب لقرارات الدولة، وإنما للحفاظ على صحتنا وحياتنا وتجنيب وطننا ما حل بمجتمعات تساهلت في استيعاب خطورة المشكلة حتى تفاقمت وصعبت السيطرة عليها.

* كاتب سعودي

habutalib@hotmail.com